ليلة في الظلام......
لا أعلم صدقاً لماذا أريد أن أتحدث عن تلك الليلة الصعبة، تلك الليلة التي لا أعتقد أني سوف أنساها قريباً، ليله ويا لها من ليلة.......
كنت قد قررت في داخلي أن أعتكف قليلاً في بيتنا وذلك من أجل الراحة النفسية والمعنوية لدي، وعدم الخروج إلا لضروريات.......
وبعد صلاة العشاء رأيت أحد جيراني فسلم عليا بوجه حزين وقال لي أن والد فلان ( أحد جيراني) قد توفاه الله اليوم في الأسكندرية، وأننا في إنتظاره لدفنه الآن....
الآن ليلاً.... قال لي نعم هذا ما يريده أهله..... قلت له عندما يأتي أبلغني لكي آتي معكم........
ولا أعلم لمذا قولتها.... فأنا أتعب كثيراً عندما أقف علي القبور... فما بالكم بالوقوف عليها ليلاً.....
وتأخر الركب كثيراً.... بالفعل تأخر كثيراً..... وتحركنا من أمام منزلنا الساعة الواحدة والربع ليلاً.....
ويالها من ليله باردة..... شديدة البرودة........
حملنا الرجل وفي أحد المساجد القريبة من المدافن صلينا عليه......
الغريب في هذه المرة أن لم يكن هناك تابوت ولكن مجرد حاملة لا جوانب لها وفوقها الكفن...
فأنا أري الجسم كاملاً بجميع معالمه.......
وبعد الصلاة حملنا الرجل من المسجد إلي مثواه الأخير... إلي قبره.....
وهنا بدأ جسمي في الإنتفاض..... وأصبح الجسد لا يكف عن الأرتجاف.......
ولا أعلم لماذا أفعل ما أفعل لقد قررت أن أنزل إلي القبر.....
لم أنزل القبر في أي مرة سابقة..... فما بالكم بحالي وأنا أنزل في ظلمة الليل........
حملنا الرجل ونزلنا معه..... المكان مظلم بشده..... الرائحة مكتومة جداً...... التراب يملأ الهواء......
ويال المقابر المصرية.... فأنا أري بعض الهياكل التي تم دفنها من قبل....
وتم الدفن سريعاً....... ثم الدعاء له بالرحمة والغفران والتثبيت عند السؤال......
رأيت الدموع في عين أهله.... ورأيت الدموع في أعين الناس من التأثر......
ما زال جسمي ينتفض..... يا تري ماذا هو حال من في الأسفل.......
لا أتكلم عن من مات الآن فقط.... ولكن من مات منذ سنة أو أكثير....
هل هناك من يتذكرهم.... من يدعو لهم..... من يؤنس وحشتهم.....
بالفعل الأمر جد خطير.... ويحتاج منا إلي إعداد شديد.......
غداً نكون هناك..... هل بالفعل أحسنا العمل لهذا اليوم........
نهاية هذا الموضوع ليس من أجل أن تبكي العيون من التأثر....
ولكن هذا الموضوع من أجل تجديد النية مع الله عز وجل.....
والعزم علي الفعل.... وتقرب إلي الله بالأعمال الصالحة......
رسالة وصلتني بعد الدفن مباشرة أحب أن أشارككم قرأتها....
إلهي وسيدي ومولاي.... عفواً حيائي منك يمنعني.... وطمعي في عودتني من عفوك وكرمك يجرئني...... لا تخيب فيك رجاءنا......
أبدل سيئاتنا حسنات.... عوضنا عن ساعات الغفلة معراج القربات.... وعن خطايا الشهوات خطوات الرضوان.... وعن قسوة البعد روح الأنس.......